3 أسبوع
طقس




كانت تلك الجلسة أشبه بفتحٍ روحيّ، 

كأنك تدخل معبرًا سريًا لا تؤديه الأقدام، 

بل تبلغه الأرواح حين يُرفع عنها حجاب التكلّف.

 لم يكن حديثًا عاديًا، بل كان طقسًا من طقوس الكشف، 

حيث تتعرّى النفس من ضجيجها وتتكشّف الحقيقة في أبسط الجمل.

كل كلمة منه كانت كالسهم،

 لا في حدّتها، بل في دقّتها، 

تُصيب موضعًا في داخلك لم تطأه الكلمات من قبل.

 لم يُحدّثني بلسانه فقط،

 بل بنبرةٍ فيها دفء الوطن ونظرةٍ فيها رسائل لم تُكتب.

 كنتُ أمامه كما لو أنني أُبعث من جديد، 

لا بجسدٍ جديد، بل بإحساسٍ مُنقّى،

 كأنني للمرة الأولى أفهم معنى أن تكون حيًّا.

كنا نتبادل الكلمات، لا لنُسلّي الوقت،

 بل لنُخاطب ما هو أعمق من الفكر،

 ما يسكن تحت الجلد، تحت الصمت.

 شعرتُ أن اللغة بيننا لم تكن وسيلة، بل كائنٌ حيّ، يتنفس، يتمدد، يختار ألفاظه بعناية شاعرٍ يكتب من جرحٍ لا يُرى.

خرجت من بين يديه وأنا أحمل في داخلي أثرًا لا يُمحى، 

كأن شيئًا ما بداخلي انتظم، كأن فوضاي هدأت،

 كأنني للمرة الأولى أُدرك أن الإنسان لا يُعرَف إلا حين يُلمَس بالكلام الصادق. كانت لحظةً لا تُروى، بل تُسكَن.

أضف تعليقاََ