حين عاد اسمه يمشي في البيت
ما كان في شيء عادي ذلك اليوم.
حتى الهواء كان مشحونًا بلحظة ينتظرها القلب منذ زمن، لحظة يعرفها جيدًا لكنه لم يجرؤ على تخيلها كثيرًا.
وحين فتحت الباب، وكنت واقفًا… لم أرك فقط، بل رأيت العمر كله يتجمع فيك.
كأنك لم تغب، وكأن هذا الوقوف أمامي يمحو كل ما سبق من أيام كانت تفتقدك.
حضنتك، كما تحتضن الروح نفسها بعدما كانت معلقة في الغياب.
لم أحتج أن أسأل أين كنت، ولا كم مرّ من الوقت،
فالوجوه التي تُنتزع منا بالقوة، تعود إلينا بوزن مختلف…
وأنت عدت، لا كما ذهبت، بل كما نضجت الأيام فيك وأعادتك أكثر حضورًا، أكثر صلابة، أكثر حياة.
لم أقل “اشتقت لك”، لأن الشوق في بعض اللحظات يصبح شيئًا صغيرًا أمام ضخامة الشعور.
ما بيني وبينك ليس مجرد غياب ولهفة، بل قصة اسمين خُلقا ليتكئا على بعض، وذاكرة واحدة لا تتجزأ.
كنت دومًا الأمان الذي لا يتبدد، حتى حين غبت، ظلّ اسمك في البيت مثل الدعاء، حاضرًا، دافئًا، ومقدّسًا.
رجعت…
فابتسمت الملامح التي اعتادت أن تكتم، وعادت الأصوات التي كانت تخفت حين نذكر اسمك.
رجعت، لا كعابر عتبة، بل كمن يُعيد ترتيب المكان، يُعيد للبيت لونه، لرائحتنا بهجتها القديمة.
لا تسألني كيف كانت الأيام…
فكل شيء قبلك كان مؤقتًا، معلقًا، ناقصًا.
وكل شيء بعدك أصبح له معنى… حتى الصمت بيننا اليوم، له طمأنينة، له لغة لا تحتاج إلى شرح.
أهلاً بك، يا أكثر من أخ،
يا الذي خرج من الغياب كأنه ضوء،
كأن الله كتب له العودة في الوقت الذي احتجناه فيه أكثر من أي وقت مضى