3 سنة
رسَالة إلى السمَاء

برأي ابن خلدُون في دورة حياة الأمم: أنّ الأوقات الصعّبة تصنَع الرّجال الأشدّاء بعد ان يغرقُوا بالتّرف و يضعفون.

هذِه رسالة تبعث للتفاؤل يا أمّي صح؟ سيكُون اصغر ابنائك رجلًا شديدًا، يعَامل الحيَاة بخشُونة و يدقّ أعناق مصائبها بكُوعه، رجلًا حكيمًا لا يتسّلق على جدران خشِنة كَانت أو ناعِمة، فالأولى تخدِش الجُلود مع أرواحها و الثّانيّة نعومتها تعلّم اليّأس و الأنزلاق، لنْ يمشِ ابنكِ في طريقٍ مسدود، رجلكِ الصّغير يتحسس أحشاء السّماء برُموشه، لأرى ان كانت ستهطِل في طريقي جدار، ان كانت ستفعل اتقرّب من إله الجُدران و الكون و أقول يارب أريدُ بابًا مفتوحًا ان كان الجدار ضروريًا. قَبل يومين يا امّي كُنت أشير باصبعْ الإتهام للجرذان المتناحرة في الزُقاق من بعِيد و أصرخ، هيه أنتُم أنا أعرفِكم و أكرهكُم، و لهذا أخافكُم، أنتُم تذكرُونني كثيرًا بحرب الكلمات التي أراها على صدري قبل أن انام، أحكُ عينيّ من دهشتي ولا أصدّقها يا امّي، و لكِن أثناء ذلك يتساقَط النّاس من عيني عندما أحكّها كالشّعر، تدهسهُم حرب الكلمات تِلك، أنتِ تصدقينني صحيح؟ أعرِف ذلك جيدًا، انا بحالَة جيّدة يا أمّي، أقرأ الكُتب، و لم أعد أدخّن أتصدقين؟ ليتك هُنا لتفتخرِي بانجازٍ صعبٍ كهذا، اليَوم نسّقت الزُهور لكل أمهّات رفَاقي، و قال لِي جميعهم انّ ذوقي رفيعٌ كجسدي، نُكتتهم هذه رديئة و تجبرني على الأكل امامهم بنهَم كبير ليصدقّون انني سمِين و مدوّر كالقمر فعلًا، لكِن من كُثر الخطوات التي صرفتها على الأزقّة صرت رفيعًا، هُناك قطّة تلعق وِحدتي، و لا تمِل من ابدًا من فعل ذلك، أظن ان وحدتي بنكهة الحليب، تخيّلي انني قُلت لقطّة قصّة جلجامش كاملّة؟ و كانت دائمًا تنظُر أليّ و هي مُندهشّة، فأحرّك اصابعِي على ظهرها أمشّط فروها بأصابعي.. في يومٍ كهذا اكتُب لكِ دائمًا، و لا تنسي ابنكِ سيكون عظيمًا، انا اثِق بابن خلدُون كثيرًا و أصدّقه. أحبّك كثيرًا.

أضف تعليقاََ